أنورُ العائد...

… بقلم الشاعرة والفنانة التشكيلية باسمة بطولي

~~~

إلى أين يا أنور سلمان؟… طال سفرك هذه المرة… نعرف أنّك تحب السفر والرحيل والبحار والأشرعة… وتقول “مرفأ الأحلام أن تبقى المسافر” وتتحدث في السفر إلى بوابة المطلق… هل فُتحت لك البوابة؟… لكن نحن متأكدون أنك عائدٌ وسفرك ليس نهائيًا… عائدٌ ليس فقظ على طريقة إخواني الموحدين الدروز، بل نراك عائدًا كلّما فتحنا كتابًا لك وقرأناك… وكلّما تحدّثنا في الشِعر والشعراء… وأنت عائدٌ فينا وفي كلّ من يأتي بعدنا منهم… عائدٌ كلّما سمعنا صوت “نشأت” أو أيٍّ من أبنائك حتى إذا رأينا زوجتك الطيبة لأنك سكنت كلّ خلاياها… وكلّما سمعنا أيَّ صوتٍ يحمل قصائدك المغنّاة الحاصدة للجوائز.

صحيحٌ قد يتبادر إلى ذاكرتنا أول الأمر إسم نزار قباني وأحيانًا سعيد عقل، لكنّك لم تنكر يومًا أهمية ان يتأثر الشاعر بمن سبقه… ومعاذ الله أن نقول إنك نسخت أو قلّدت بل لن أقول إنك شاعر… سأضيف الألف واللام لتصبح الشاعر… وإن لم أُضف أنّك الوحيد الأوحد… لأن كل ما لديك من صفات رائعة كشاعر تنطبق على مفهومي للشاعر بدون أن أدخل في متاهات التفاصيل، خاصةً إذا جمعنا ما قاله فيك عارفوكَ وزملاؤكَ من أصدقائك وأصدقائي الشعراء والأدباء، بدءاً بنسيم نصر يوم صدر “إليها” مرورًا بجورج جرداق ومحمد علي شمس الدين، إدمون رزق، شوقي بزيع، غسان مطر، ميشال كعدي وباسم عباس وغيرهم… وخاصةً أيضًا أنّك وإن سخرت من بعضِ مطبّقي نظريات الحداثة بعدم معرفتهم تقنية الشعر… إلّا أنّك لم تسخر من الحداثة نفسها… وأنتَ جمعتَ إلى الأصالة كل احترامٍ لمفهومها الحقيقي… صحيحٌ أننا نجد جذورًا لشِعرك في المدرسة اللبنانية والشاميّة… ونعرف أنّك تمتطي دائمًا وأبدًا صهوة الجمال مُجلِّيًا في ساحات الشِعر متسلّقًا قممه الشاهقة، إلّا أننا نضيف أنّك نحتَّ قامتك الخاصة وملامح لوجهك تميّزك، وهذا من أهم ما يرسم سِمات الشاعر الشاعر…

قد لا أنسى بعض جلساتنا في إتحاد الكتّاب، إنّما أكثر ما لن أنساه أنّك تقدّس المرأة، وأنا كإمرأة أفتخر بك مناصرًا ومقدّرًا… وأنا أقدّر أنك لم تتبذّل يومًا لا أنت ولا المرأة التي تحب…  لست وحدي من يفتخر بل كل من له عينان تقرآن وأذنان تسمعان… وأقصد ايضًا هذا الوطن حين جعلته اغنيةً للبطولة والحب.