رحيل

أَصْعَدُ درجَ الورد... على مَداخلِ البيت المهجور، فَتستقبلُني ورودٌ عطْشى إلى الماء، وظَمْأى إلى يدٍ كانت تُلامِسُ أوراقها بحنان، وتفْرُشُ تُرابَها بضوءِ العيونِ وحكايا السَّهر!

مِثْلُ هذه الدُّورِ الجميلة... التي أطلعَتْ حدائقُها مواسمَ الأزاهيرِ والعبير، كانت لي بالأمسِ منازلَ صَحْبٍ وأحبَّة... قبلَ أن يستقلُّوا قِطارَ الرَّحيلِ ويُهاجِروا!

كلُّ البيوتِ التي هجرَها أهلُها، حكايتُها كحكايةِ هذا البيت الذي على درجِه العتيق تضيعُ منِّي

الخُطى، ومن مُطلاَّتِه المسائيةِ يُبْحِرُ بي شراعُ الذّكرياتِ!

آهِ... يا درجَ الحنينِ الذي يتسلَّقُ المسافاتِ: إلى غُرْبَةِ مَنْ زرعوا على جَنَباتِهِ عُمْرَ التَّعبِ، ورحلوا من غير جوازِِ سفر!

آهٍ... كم يُشبِهُ انتظارُكَ حُزْنَ تلكَ العيونِ التي تـمُدُّ من أهدابها جسراً للعودة... كلّما صارَ ليلُ البُعدِ في جُفونها بحيرةً من دُموع!

-أنور سلمان-